السيرة الذاتية الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي السابق وما هي قصة حياته ويكيبيديا

ننشر لكم السيرة الذاتية وقصة حياة الامير سعودي الفيصل، كان أكثر من أمير وأقل من ملك بقليل ووالده أهم الملوك الذين مروا على السعودية، ووالدته كانت أولى الملكات في تاريخ السعوديين، طاف بلاد العالم قاطبة وتحدث معظم لغات أهل الأرض التي يجيد سبعا منها أثار أعجاب زعماء العالم ولفت أنظار الجميع، كان بنظر صدام حسين الرجل القادرة على تغيير رأي العالم، وتمنى غورباتشوف أن يملك وزيرا مثله، جمع اللبنانيين الذين قاتلوا بعضهم سنوات على طاولة واحدة وهندس اتفاق الطائف، فاوض العالم نيابة عن الفلسطينيين، وكان أحد الذين تصدوا لإيران وعلى خط الدعم السريع للمقاومين في أفغانستان، مكث أربعين عاما في الخارجية، وقيل إن الوزارة من مكثت فيه، عميد وزراء الخارجية في العالم والبعض يصفه بـ هنري كيسنجر العرب، فالرجل كان أكثر من وزير وأقل من حاكم بقليل، سعود الفيصل ابن الملك والملكة فما هي قصة حياته وكيف كانت نشأته وكيف كانت السياسة السعودية في عهده.

نشأة الامير سعود الفيصل

ربما كانت نشأته وبدايته عادية أو كبقية الأمراء الذين ولدوا للأسرة السعودية الحاكمة، لكن الغير عادي هو والده ووالدته وبالأخص والده الملك فيصل والذي سيحمل سعود اسمه ويبقيه حيا للأبد، والامير سعود الحامل لاسم جده الأكبر ولد عقب تأسيس المملكة العربية السعودية بأقل من عقد من الزمان وتحديدا العام 1940 في مدينة الطائف الواقعة غرب المملكة السعودية، والتي تبعد عن مكة قرابة خمسة وسبعين كيلومترا، وتبعد أضعاف ذلك عن حرب طاحنة كانت تشتعل في تلك الفترة بين دول العالم الكبرى والعظمى، حيث كانت نار الحرب العالمية الثانية تأكل في أوروبا الأخضر واليابس كما يقال، وبعيدا عن رماد هذه الحرب، نشأ الأمير وهو الابن الرابع للملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود والذي كان أميرا في تلك الفترة ونائبا لوالده الملك عبدالعزيز علي الحجاز وبذات الوقت وزيرا للخارجية، أما والدته فكانت الملكة عفت بنت محمد بن سعود الثنيان آل سعود، وقد كانت والدته الوحيدة التي حازت لاحقا على لقب ملكة من بين زوجات ملوك السعودية جميعا، لم يكن يعلم الطفل سعود ما الذي ينتظره في المستقبل، ولم يكن يعلم أنه سيصبح ابن ملك وملكة، درس الأمير الطفل الابتدائية في مدرسة محلية بالطائف في مدرسة كانت تدعى آنذاك مدرسة الطائف النموذجية وهي بمقابل قصر الكاتب بحي السلامة وهو القصر الذي تربى فيه سعود لاحقا، سافر الأمير بعد أن أنهى الابتدائية والثانوية في الطائف إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال تعليمه فيها، وآنذاك درس الأمير الشاب الاقتصاد وتخرج من جامعة برنستون في ولاية نيوجيرسي الأمريكية العام 1964، وهو ذاته العام الذي ستتغير فيه حياة الشاب إلى الأبد، حيث سيتولى والده مقاليد الحكم في المملكة ويتوج ملكا للمملكة العربية السعودية كثالث ملوك المملكة، وكأحد أبرز الأسماء التي ستتولى هذا المنصب. 

تولي الملك فيصل حكم السعودية

فيصل لم يكن ملكا عاديا كما لم يكن قبلها أميرا عاديا، ولعل السر هذا الذي سيورثه الملك لابنه لاحقا، فيصل كان مختلفا، وكذلك نجله الأمير الفيصل، لا يكتمل حديث عن الأمير سعود دون الحديث عن والده، فيصل لم يكن مجرد ملك عادي والسعودية لم تكن مجرد مملكة، فيصل بن عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود الابن الثالث من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود الذكور، ولد العام 1906 أي قبل تأسيس المملكة بقرابة ربع قرن، بدأ حياته عسكريا في قوات والده التي كانت آنذاك تعمل على توحيد المملكة العربية السعودية، وقاد حملة عسكرية في عسير العام 1922، أي وهو بعمر السادسة عشرة. وبعد أربع سنوات أي بعمر العشرين، تولى فيصل منصب نائب والده على الحجاز وبعدها بعام فقط أي بعمر الواحد والعشرين بات رئيسا لمجلس الشورى السعودي، ومع إعلان تأسيس المملكة العربية السعودية، تولى فيصل وزارة الخارجية التي سيبقى اسمه معلقا فيها طويلا حتى بعد أن يترك قيادتها وفيها أي وزارة الخارجية والعمل السياسي والدبلوماسي، سيعيد فيصلا الطريق لمن سيخلفه، وقد ظلت الخارجية طويلا تحت قيادة فيصل حتى ما بعد حكم والده الذي توفي العام 1953 وصعود شقيقه الأكبر غير الشقيق الملك سعود للسلطة، وفي هذا التاريخ تحديدا ستضاف مهام جديدة للأمير فيصل، فبالإضافة للخارجية أصبح وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء، وبدا أن في جعبته الكثير، حيث سيجري عزل الملك سعود من الحكم العام 1964 لما قيل إنها أسباب صحية، ويصعد للحكم ملك جديد هو فيصل، وفي عهده سينقلب حال السعودية والسعوديين. 

فقبل الفيصل كانت حركة التنمية تعد بطيئة و عجلتها تسارعت مع الملك الجديد كما كانت السعودية منطوية على نفسها، وفي عهده انفتحت على الجميع ولأول مرة ستتتبوأ مكانة عربية وإسلامية وحتى عالمية، فالملك فيصل أعاد رص صفوف المسلمين عبر دعمه لتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي التي قامت عقب الحريق اليهودي للمسجد الأقصى، وبمناسبة الحديث عن المسجد الأقصى، فقد كانت قضية فلسطين قضية الملك فيصل الأولى وما تبعها من قضايا على علاقة بها كحرب العام 1973، والتي اندلعت بين مصر ومعها أطراف عربية بمقابل إسرائيل، حيث دخل الملك فيصل على خط الحرب وأمر بقطع النفط عن العالم ليتوقف عن دعم إسرائيل. وفعلا أسفرت الحرب عن هزيمة لحقت بتل أبيب، وكانت هذه الحرب بوابة لاستعادة القاهرة لسيناء التي سبق أن احتلت العام أ1967، هو موقف من مواقف عدة لفيصل الذي سيرث منه ابنه الكثير لاحقا، أهمها الجرأة في الحديث.

وهذه الجرأة تحديدا كانت من أبرز مميزات فيصل الذي لم يخشى يوما التصريح. والقول لقناة بي بي سي البريطانية أن حل مشاكل العالم يكون بزوال إسرائيل، ومثل هذه المواقف أكدها هنري كيسنجر الموصوف بطالب السياسة الأمريكية في مذكراته حين ذكر قصة جرت أثناء لقائه مع الملك فيصل في جدة العام 1973، وكانت آنذاك الرياض قد حظرت النفط عن العالم، وحين رأى كيسنجر الملك كان فيصل متجهما، فأراد الوزير الأمريكي تلطيف الأجواء، فبدأ بالحديث والقول إن طائرته حطت في مطار جدة لكنها بلا وقود، وطلب من الملك أن يأمر بملء فيها وسيدفع بأي سعر يريده الملك، ليرد عليه الملك فيصل آنذاك، وفقا لـ كيسنجر بالقول وأنا أيضا على مشارف الموت وأحلم بالصلاة بالمسجد الأقصى، فهل لك أن تحقق لي أمنية بالصلاة حتى لو برقعة واحدة؟ 

الامير سعود الفيصل ووزارة الخارجية

في عام 1975 اغتيل الملك فيصل في الرياض وفي ذات العام جاء لوزارة الخارجية اسم جديد متصل بالقديم، في ذات العام ولدت الدبلوماسية السعودية الحديثة وبات لها ملك هو ابن ملك الأمير الوزير. بعمر الخامسة والثلاثين. عين سعود الأمير وزيرا للخارجية السعودية بمرسوم من الملك الجديد خالد بن عبدالعزيز خلفا لوالده الملك فيصل الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية حتى أثناء توليه مهام العرش السعودي. رحل فيصل عن مقعد الخارجية وجلس عليه سعود الفيصل ولم يكن اختيارا عبثيا للمنصب، فالأمير الوزير كان يجيد اللغتين العربية والانجليزية بفصاحة ولاحقا ويتقن معهما خمس لغات أخرى هي الفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية، كما يمتاز بالنزاهة والرصانة واللباقة، وأحيانا كان يجيد السخرية والاستهزاء إذا لزم الأمر، كان له حضور لافت وامتاز بالأناقة، وهذه أمور عبر عنها كثيرون من سياسيي العالم الذين عرفوه.

ولم يكن المنصب في ذلك التوقيت، ووفقا للظروف تشريفا أبدا، بل كان تكليفا وحملا ثقيلا، ففي ذات العام الذي تولى بن سعود الوزارة بدت بوادر الحرب الأهلية اللبنانية، كما كانت قد انطلقت بين مصر والغرب وإسرائيل مباحثات السلام، وأيضا عقب توليه بأعوام قليلة صعد للحكم في طهران من سيصبح عدو المملكة وشعبها وقيادتها الخميني، وستصبح إيران دولة برداء شيعي متعصب، وكذلك وأثناء ولاية سعود ستندلع الحرب العراقية الإيرانية التي ستلعب فيها الرياض دورا ما، وكذلك ستبدأ مرحلة الجهاد الأفغاني ضد السوفيات بدعم أمريكي، وأيضا سيكون للسعوديين دور بهذه القضية، أما الدور الأبرز فسيكون للقضية الفلسطينية التي التي أخذت بعدا جديدا مع اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية، كل هذا بالإضافة إلى سباق الحرب الباردة الذي كان في أوجه آنذاك بين أميركا والاتحاد السوفياتي. 

ملفات عدة وقضايا ساخنة كانت بانتظار الأمير الوزير الثلاثيني الشاب والدبلوماسية السعودية مطالبة بالكثير، وعلى سعود الفيصل أن يكون مستعدا للتحدي. 

سعود الفيصل وايران

 لعل قضية إيران واحدة من القضايا طويلة الأمد التي رافقت الأمير سعود طوال توليه لمنصبه على رأس الخارجية السعودية، فمنذ توليه لمهام الوزارة برزت إيران كمشكلة للعالم والمنطقة وللسعودية تحديدا، وكان على الأمير الوزير بوصفه سفير السعودية للعالم والمتحدث باسمها التعامل مع هذا الملف، والأمير أدرك منذ اللحظة الأولى أن إيران ستكون عدوا محتملا للسعودية ليس بسبب كرهه المسبق للإيرانيين، ولكن لما بدى من إيران من مسلك وتصرفات كانت جميعها تؤشر على أن جبهة فتحت على العرب من قبل بلاد فارس التي حدث الصدام بينها وبين العرب مبكرا، وتحديدا مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية التي ستعرف لاحقا بحرب الخليج الأولى، حيث إن الخليج كان في قلب هذه الحرب ومنذ اللحظة الأولى.

وفعلا منذ اللحظة الأولى استنفر الأمير السعودي خارج بيته، حيث سعى الأمير جاهدا للملمة صف الخليج عبر جمعه لدول الخليج في بيت واحد، أطلق عليه مجلس التعاون الخليجي الذي خرج للنور عقب بداية الحرب بأشهر، وأرادت دول الخليج من خلاله توحيد موقفها بعد أن بدت علامات أن طهران تنوي فتح جبهات ليس مع العراق وحده، وإنما مع كل العرب، وصحيح أن صدام حسين آنذاك كان صاحب الرصاصة الأولى، لكنه لم يكن أول من بدأ بالحرب، والخميني آنذاك وجماعته أبدوا أطماعا تشي بنوايا استنساخ ثورتهم في دول أخرى غير إيران فيما عرف تاريخيا باسم تصدير الثورة، هذا المصطلح الذي سيصبح ملفا حاضرا على طاولة الدبلوماسية السعودية وطاولة الأمير سعود، انطلق مجلس التعاون الخليجي ومنسقا له الأول الأمير سعود، وكانت أول القرارات هي الدعوة لحل سلمي للحرب العراقية الإيرانية، لكن مع انحياز للعراق حيث غطت السعودية ومعها الكويت تكاليف تراجع إنتاج العراق من النفط بثلاثمائة ألف برميل يوميا، ووصلت مساهمة دول الخليج في الحرب بين طهران وبغداد قرابة مئتي مليار دولار آنذاك، ما يعني أن الخليج تحملت العبء الأكبر للحرب في سبيل تدعيم موقف العراق وليس الدعم المالي وحده ما تم تقديمه للعراق آنذاك حلق سعود الفيصل يطوف دول العالم شارحا موقف العراق وطالبا الدعم والتأييد له حتى أنه تحول لسفير للعراق. وبحسب الكلام الذي نقل عن صدام حسين والذي فيه أن الأمير الوزير تمكن من جعل العالم كله يقف بصف العراقيين إبان حربهم مع الإيرانيين. 

سعود الفيصل ودعم الجهاد في افغانستان

لكن هذا لم يتم بالسهولة المتوقعة، فالعالم وتحديدا دوله الكبرى لا تتحرك إلا وفق المصالح، ما اضطر الأمير آنذاك لمحاولة إقناع الأميركيين ومساواتهم لتأمين حماية الخليج، ما جعل السعودية حينها طرفا غير مباشر في الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، وتحديدا حين دخلت السعودية على خط دعم المقاومة الأفغانية التي كانت تقاتل السوفيات آنذاك وبذات الفترة، وهذا ما يثبت ثقل الحمل الذي اضطلع به الأمير.

سعود الفيصل والحرب الاهلية بلبنان

كان على سعود الفيصل أن يقود جهودا عربية سعودية لحل مشكلة الحرب الأهلية المندلعة في لبنان والتي كانت إيران طرفا فيها، كل هذه أمور جعلت الأمير على خط التماس مع الإيرانيين وعلى أكثر من صعيد، ومن هنا ربما بدأت العداوة بين الرجل والنظام الإيراني والتي ستستمر لسنوات وعلى الرغم مما كانت تحيكه السعودية لتأمين مصالحها في تلك الفترة، إلا أن الدبلوماسية تحت قيادة الأمير سعود نجحت بإبقاء وجهه المسالم أمام العالم والإيرانيين، حيث قام منتصف الثمانينيات الوزير سعود بزيارة هي الأولى لطهران التقى فيها آنذاك وزير الخارجية الإيراني علي أكبر ولايتي، وكان يبحث الأمير فيها عن حلول سلمية وتسوية لأزمات كثيرة كانت إيران طرفا فيها وعلى المملكة السعودية التعامل معها، لكن لم تثمر الزيارة عن أية نتائج تذكر، فإيران طعنت بمواقفها والسعودية رفضت التنازل وتحديدا الأمير من رفض التسليم لإيران، وستظل جملته الشهيرة المتعلقة بإيران هي ما يدل على ذلك حين قال لسنا دعاة حرب ولكنها إن وقعت سنكون جاهزين لها.

وعلى هذه القاعدة ظل تعامل الأمير مع نظام طهران، وهذا ربما ما دفع الإيرانيين لمزيد من الاستفزاز للسعوديين سواء كان عن طريق دعم خلايا داخل المملكة لزعزعة استقرارها أو حتى غير ذلك من عمليات كان من أبرزها أحداث الحرم المكي وتفجيرات الخبر وغيرها ممن وجهت فيها أصابع الاتهام لإيران، وهذه الأفعال الإيرانية مكنت الأمير من موقعه الدبلوماسي من تحريض العالم بها وتأليبهم على إيران، حتى أن طهران كانت تنظر للرياض، والأمير سعود على أنه من الأسباب التي أدت إلى حصارهم من العالم وفرض العقوبات عليهم وعزلهم عن العالم.

الامير سعود الفيصل وامريكا واوروبا

وصحيح أن السعودية قدمت للغرب الكثير، لكنها بالمقابل أخذت الكثير، فعلى مدى عقود كان حلم الإيرانيين هو السعودية حيث فيها قبلة المسلمين، وتطمح إيران بحكمهم، لكنها أيضا طوال عقود لم تتمكن من تحقيق هذا الحلم، وقرابة الخمسة والثلاثين عاما من هذا الصراع الإيراني السعودي كان الأمير سعود الفيصل رأس الحربة، وما يستحق ذكره هنا هو كلام منسوب لجواد ظريف وزير الخارجية الإيراني والذي في محاضرة له تطرق للحديث فيها عن علاقات بلاده مع السعوديين، وقال إنه سعى مرة لمد يد السلام طالبا الحوار مع الرياض لتسوية مسائل عربية عالقة بين الطرفين، وعلى حد قول ظريف، فإن رد الأمير السعودي سعود الفيصل كان بجملة واحدة أن لا علاقة لكم بالعالم العربي، هكذا كان يرى الوزير إيران كدولة أجنبية تسعى للهيمنة على العرب، ويجب ردها ولا مهادنة في ذلك ولا استسلام، فينظر الأمير أيضا كانت طهران تتحرك من دوافع طائفية بحتة ومشروعها كان طائفيا بامتياز، وهذا ربما ما دفعه ذات مرة لمخاطبة الإيرانيين بأن عليهم أن ينسوا خلافات الماضي إذا ما أرادوا علاقات طيبة مع العرب بتذكيره لهم بأن ما جرى منذ ألف وأربعمائة عام قد مضى وولى، لكن لم تكن لإيران أن تستمع للأمير فهو بنظرها العدو الذي قلب العالم عليها ويرفض موازنتها، 

الامير سعود الفيصل واتفاق الطائف

حين وفاة الأمير سعود الفيصل عام 2015، نعاه رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك تمام سلام بوصفه أحد الذين ساهموا باستقرار لبنان وإنهاء الاحتراب الداخلي فيه، واستخدم الرئيس كلمة اتفاق الطائف بوصف سعود الفيصل من كان يقف خلفه وأحد أهم أسباب التوصل إليه، وفي العام 1975 كانت حرب أهلية قد اندلعت في لبنان بداية كان عرابها موارنة لبنان المسيحيون وفصائل تتبع منظمة التحرير الفلسطينية، ثم ما لبثت أن تحولت الحرب إلى اقتتال بين اللبنانيين أنفسهم عقب تحالف اليساريين والقوميين من أبناء لبنان مع أبناء منظمة التحرير، وبعد خروج الفلسطينيين من لبنان، لم تتوقف الحرب وظلت مشتعلة بين أبناء البلد الواحد، وعلى خطها دخلت أطراف عدة من إسرائيل وأمريكا وصولا لسوريا وإيران، حرب صدرت للعالم أبشع المناظر وأقساها، وأسفرت عن مقتل ما يقرب من 120 ألفا وتهجير ما يزيد عن مليون، بالإضافة لتدمير البنية التحتية في لبنان وتمزيق نسيجه الاجتماعي وجعله عرضة للسباحة من أي كان، فإسرائيل في تلك الفترة احتلت جنوبه ووصلت حتى بيروت ودخلته الجيوش السورية، ووضعت إيران بصمة لها فيه عبر من سلحتهم من ميليشيات وبدا أن التوصل إلى اتفاق يقرب الفرقاء المتناحرين ضربا من الخيال، فاللغة الوحيدة التي كانت تسمع آنذاك في لبنان هي لغة الرصاص وعمليات التفجير، وحتى أولئك الذين كانوا يقودون الحرب، ما إن تتمكن من إقناع أحدهم بالتفاوض في الصباح تجده تم اغتياله في المساء ولا حل لا حبل فوق، فلا يوجد طرف واحد مسؤول عن الحرب يمكنك الجلوس معه. كما أن أغلبية أمراء الحرب كانوا على علاقات مع دول أجنبية، والقرار كان يصدر من عواصم أخرى غير بيروت، وفي تلك الفترة كان الجميع تقريبا متورطا في الحرب، وليس هناك من طرف محايد أو جهة نزيهة قد تساهم في إطفاء الحريق، فتوجهت الأنظار كلها نحو طرف بعيد قريب لم يتورط بالدم وله ثقل معنوي ديني وقومي، كما أن دبلوماسيته كانت صاعدة بقوة ويقودها رجل بحجم سعود الفيصل وهو الذي نجح في عمل اتفاق يجمع فيه جميع اللبنانين.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-