قصة الخلاف بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع الممثلين في عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو "الحرب الاهلية في السودان"

"لا توجد دولة محترمة في العالم لها جيشين" بهذه العبارة وصف عضو مجلس السيادة في السودان ياسر العطا الحال الذي وصلت إليه السودان، وهنا سنحدثك عن قصة هذين الجيشين إضافة إلى جيوش أخرى، وقصة الخلاف بينهما وتداعياتها، هذه هي قصة الخلاف بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع، قصة الخلاف بين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو.

الحرب الاهلية في السودان

والبداية إلى ما انتهت إليه الأوضاع مؤخرا في السودان حيث العاصمة أبوظبي التي ودعت البرهان واستقبلت قلو في إطار جهودها الأراء بما بدا أنه خلاف وربما أكثر بين أبرز قادة السودان حاليا أو بين الرجل الأول فيها والرجل الثاني، وسنحكي لكم قصة الرجلين كي تتضح لكم الصورة أكثر. 

عبد الفتاح البرهان

وعن الرجل الأول فهو الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، المولد في ولاية نهر النيل شمال السودان، ولد العم 1960، وينتمي لأسرة صوفية سودانية تسمى الطريقة الختمية، وهي ذراع دينية للحزب الاتحادي الديمقراطي في الثمانينات، تخرج البرهان من الكلية العسكرية والتحق بجبهات القتال في دارفور وعمل بحرس الحدود، ثم ترقب الرتب حتى بات قائد حرس الحدود، ثم أصبح نائبا لرئيس أركان عمليات القوات البرية، ثم رئيس أركان القوات في الجيش السوداني العام 2018، أي قبل الثورة الشعبية على نظام عمر البشير بعام، ثم أصبح المفتش للجيش السوداني لمدة شهرين قبيل الثورة التي أطاحت بنظام البشير، ثم ليجيد البرهان نفسه أمام تحدي ربما لم يكن يتوقعه؛ حيث بعد رفض الشعب السوداني وقواه السياسية لاسم وزير الدفاع الذي كان من المقرر أن يرأس المجلس الانتقالي، والحديث هنا عن أحمد عوض بن عوف، تقرر تعيين البرهان كسم مقبول لدى عديد القوى وفعلا هذا ما حصل، على شرط أن يفي بوعد الجيش بتسليم السلطة للمدنيين كما كان الأمل، وهذا الأمل سيبقى أملا لفترة من الزمن، حيث بعد ذلك جرى ما يشبه التآمر من الجيش على المدنيين، والحديث هنا ليس عن الجيش السوداني الرسمي بل عن كل ما تملكه السودان من جيوش، وتحديدا ما يعرف بقوات الدعم السريع. 

محمد حمدان دقلو

وفي الحديث عن هذه القوات سنبدأ بسرد سريع لقصة الرجل الثاني في السودان محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، المولود عام 1975 في إقليم دارفور، وينتمي لقبيلة زيجات المنتشرة غرب السودان وإقليم دارفور، وسنحكي لكم بعد قليل لما ذكرنا أسماء المناطق التي ولد بها كل من البرهان وحميدتي، لكن نكمل قصة ابن إقليم دارفور الذي لم يتلقى أي تعليم أكاديمي كما لم يلتحق بالسلك العسكري، ولم يعرف عنه قبل أن يشتهر سوى أنه زعيم جماعة مسلحة في غرب السودان. 

قوات التدخل السريع في السودان

وهنا سنتوقف قليلا للشرح جزئية دارفور وهذا إقليم سوداني ولعله أحد أهم الأقاليم فيها حيث تحده تلاتة دول هي تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، وهذا يعني أن أعراق عدة تعيش في الإقليم بالإضافة لأهله من العرب، وهؤلاء غير العرب بدأوا لعام 2003 حربا ضد الحكومة السودانية بسبب ما قالوا إنه تهميش من الخرطوم لهذه المناطق الطرفية، وأنذاك ردت الخرطوم بتدخل عسكري شديد واستعانت عليه بجماعات تسلحها من القبائل العربية هناك وجمعت هؤلاء المسلحين في إطار واحد كان يطلق عليه في البداية اسم جنجاويد وهو مصطلح سوداني مكون من مقطعين الأول يعني الرجل الذي يحمل رشاشا والثاني يعني الجواد ليصبح معنى الكلمة الرجل الذي يركب جوادا ويحمل مدفعا رشاشا، وظلت هذه القوات تقاتل تحت قيادة أحد أفرادها وهو حميدتي الذي أصبح رسميا العام 2010 قائدا لهذه القوات التي بات اسمها قوات الدعم السريع، والتي أراد البشير الاستفادة منها قدر الإمكان حتى أنها عام 2013 دفع بها لقمع انتفاضة جرت في الخرطوم، فالقوات هذه عرف عنها الشراسة والقوة، ليأتي العام 2019 ويسقط البشير، ليسعي الجيش الس استمالة هذه القوات لتعاونه ضد القوى المدنية فتحالف معها وقفز حميدة ليصبح الرجل الثاني خلفا لبرهان كنائب للمجلس العسكري الانتقالي وهو منصب لم يكن ليحلم به أحد أبناء الأطراف. 

وهنا سنحدثكم عن أهمية المناطق التي ولد بها كل من حميدة والبرهان فما هو شائع في السودان أن المناصب القيادية حكر على أبناء الوسط والشمال، ونادرا ما تذهب لأحد أبناء الأقاليم، وخاصة تلك القبائل المهمشة، على الأطراف، وهذه الأطراف هي ما جاء منها حميدتي، وهذا لا يعني أن ذلك سبب الخلاف بين البرهان قائد الجيش وحميدة قائد قوات الدعم السريع، لكنها بسبب سعي البعض لاستغلالها وإثارتها في الآونة الأخيرة؛ وذلك لتأجيج الخلاف بين أقوى رجلين في السودان. 

سبب الحلاف بين البرهان وحميدتي

السبب المباشر لاندلاع الخلاف بينهما هو عزم البرهان دمج قوات الدعم السريع وغيرها من المليشيات المسلحة في السودان لتصبح تابعة للجيش، وهذا أمر بالتأكيد لن يقبل به حميدة الذي ترتكز قوته على وجود قواته، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن أسباب الخلاف تأتي أيضا بتصريحات حميدة التي استفزت الطبقة السياسية التقليدية في الخرطوم، خاصة حين خرج بمؤتمرات شعبية يهاجم فيها الطبقة من السياسيين التقليديين، ويصنف نفسه وقواته كأقرب للشعب حتى من الجيش نفسه، وهذا أمر أغضب الجيش منهم، ادفع بالخلاف الي ان يظهر على السطح على الرغم من وجوده منذ لحظة تأسيس جيش موازي وهو قوات الدعم السريع، خلاف لا يريد له أحد أي تعاظم في السودان، البلد الذي عاش حروبا أهلية على مدار تاريخه إحداها أسفرت عن انقسامه إلى سودان شمالي وآخر جنوبه وهو كذلك البلد الذي يمتهن الحروب والنزاعات الداخلية، وباتت جزء من هويته.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-