القمة العربية الصينية | تعاون مصر والسعودية والعرب مع الصين والمشاريع الجديدة بينهم 2023

وداعا أميركا وأهلا بالصين، قمة عربية صيني احتضنتها العاصمة السعودية الرياض بين الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة العرب اتفاقيات مليارية ابتسامات وتأكيد على شراكة طويلة واتفاق على القضية الفلسطينية مكاسب سياسية وأخرى اقتصادية خرج بها الطرفان بعد تلك القمة والحبر في واشنطن يسيل بكثرة ويصب جام غضبه على العرب والعالم العباءة الأمريكية بدأت تتمزق فتلك الصين التي لا تعامل حلفائها على أنها القطب الواحد وتلك واشنطن التي لطالما توعدت وهددت، ففي داخل غرف صنع القرار بواشنطن يدور الحديث. أوروبا تعاني والعرب يذهبون بعيدا عنا مع ذلك، لن نغير سياساتنا وسنحاول الصمود لكن وعلى ما يبدو أن الصين قد نجحت بفرد أجنحتها سريعا فمنذ جائحة كورونا لم يخرج رئيسها خارج أسوار الصين إلا مرتين الأولى عندما زار كازاخستان وأوزباكستان والثانية عندما حطت طائرته في الرياض ليعقد اجتماعات مطولة مع العرب كانت قد تأجلت لعامين هو آن لها أن تعقد في ذروة الأزمات العالمية. ماذا أنتجت تلك القمم؟ وكيف سيكون مستقبل العرب مع الصين؟ الصين والعرب إلى الأمام سر.


القمة العربية الصينية

انتهت زيارة الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية الزيارة التي لم تكن صغيرة وبسيطة ففي ذات الزيارة عقد الزعيم الصيني ثلاثة قمم الأولى كانت سعودية صينية وثانية خليجية صينية وثالثة عربية صينية قمم خرج منها الكثير من الاتفاقات والصفقات التي ستصب في مصلحة الطرفين، فالصين التي تقف بجانب روسيا نوعا ما في حربها بأوكرانيا ترى أن العالم يجب أن يتخلص من فرضية القطب الواحد هو يجب أن يكون متعدد الأقطاب لا تتحكم فيه دولة واحدة وهي نظرية توافقها بها روسيا التي ترى في العرب قطبا مهما في العالم ولاعبا رئيسيا في التوازنات الإقليمية والعالمية، وهو الأمر الذي تراه واشنطن من طرفها تحديا لهيمنتها العالمية وسياستها في الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

لكن كل تلك النظريات والتحليلات لم تمنع بكين من عقد قممها في الرياض التي أعلن عنها في أوائل العام ألفين وعشرين، لكنها أجلت بسبب جائحة فيروس كورونا ليقرر أن تعقد في ديسمبر من العام ألفين واثنين وعشرين فارق عامين حملت معها الكثير من التغييرات في العالم، حيث يحتدم الصراع بين الصين وأميركا، وتتجه واشنطن لصراع مفتوح مع روسيا حليفة الصين في أوكرانيا، وتتغير توازنات الكوكب بشكل كبير في الوقت الحالي، فهل قلبت الصين الطاولة على واشنطن بتلك القمم؟ في الواقع وصل الرئيس الصيني إلى الرياض وهو يحمل العديد من الملفات البارزة على رأسها تأمين مبادرة الحزام والطريق، ثم تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة مع الدول العربية، وهي ملفات نجح فيها الرئيس الصيني تقريبا، فمع مبادرة الحزام والطريق التي تعمل عليها الصين منذ سنوات تعتبر الدول العربية ركنا أساسيا فيها ولا يمكن تنفيذها أبدا بدون الاتفاق معها لذلك كان واضحا الاتفاقعليها فور نهاية القمة، إذ اتفق المشاركون على تعزيز الشراكة بين الطرفين بما يخص تنفيذ مبادرة الحزام والطريق وعقد نسخة ثانية من القمة ولكن هذه المرة في بكين، وذلك في وقت يتفق عليه لاحقا.

القمة العربية الصينية في الرياض

كما أكد البيان الختامي للقمة العربية الصينية على تعزيز الشراكة بين الدول العربية والصين والعمل على تعميق التعاون العربي الصيني في شتى المجالات وذلك لتحقيق التنمية المستدامة وأكد البيان أن التشارك في تنفيذ المبادرة يأتي لكونها ستتيح فرصا واعدة للمنطقة، ومن الممكن أن تكون مناسبة للرؤى التنموية في الدول العربية، ما يعني تحقيق منفعة متبادلة بين الجانبين أما بما يخص اتفاقيات التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج فقد ذكر بيان القمة أن المفاوضات ستستأنف من جديد بما يخصها وكانت المفاوضات قد انطلقت في عام ألفين وأربعة وعقد منها حتى الآن تسع جولات جولة المفاوضات التاسعة عقدت في ديسمبر 2026، وذلك بعد نحو سبع سنوات على الجولة الثامنة حيث جرى تعليق المفاوضات حينها لأسباب عدة، أبرزها التغييرات في السوق الدولية في أعقاب الأزمة العالمية، والتي دفعت دول مجلس التعاون إلى وقف جميع محادثات اتفاقية التجارة الحرة الجارية مع سبعة عشر دولة ومنظمة إقليمية، وفق ما ذكرته وزارة التجارة الصينية على موقعها الإلكتروني الوزارة قالت حينها إن الجانبين. توصلا في ألفين وتسعة إلى اتفاق بشأن اختتام المفاوضات بشأن دخول سبعة وتسعين بالمئة من السلع إلى الأسواق في إطار تجارة السلع، فيما تركزت جولة المفاوضات الأخيرة في ألفين وستة عشر حول المسائل العالقة منها تجارة الخدمات والاستثمار والتجارة الإلكترونية وتجارة السلع. اختتمت المفاوضات في ذلك العام بالتوافق حول فصول مثل التعاون الاقتصادي والفني.

مع الاقتراب من التوافق في الآراء أيضا حول معاهدة العوائق أمام. التجارة ومواد القانون والتجارة الإلكترونية، وفق الوزارة الصينية بيان قمة الرياض الأخير ذكر أن القادة أكدوا خلال اجتماعهم على أهمية مواصلة تعميق التعاون بين الجانبين في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والمالية والصناعة والتقنيات المتقدمة والفضاء والصحة بما يحقق المصلحة المشتركة للجانبين، وبما يشمل أيضا استكمال مفاوضات التجارة الحرة بينهما في أقرب وقت ممكن، وهو ما تريده الصين بالتحديد مع مبادرة الحزام والطريق الصين من خلال تلك الاتفاقية تريد رسميا الدخول تجاريا لمنطقة الخليج، وترى فيها فرصة مهمة وبارزة للانتشار حول العالم، وتحويل الخليج لنقطة توزيع مهمة لبقية دول العالم وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي، بالإضافة لامتلاك دول الخليج للبنية التحتية القادرة على استيعاب كميات ضخمة من البضائع ووجود كل الإمكانيات والمواقع لتنفيذ المزيد من المشاريع إن كان موانئ أو حتى مخازن للبضائع بمناطق شاسعة خلال ذات القمة.

كما فجر الرئيس الصيني فان الدعوات أو الأمنيات بالنسبة له والتي يرى فيها ضربة قاصمة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ قادة دول الخليج العربي إلى بيع النفط والغاز لبكين باليوان الصيني وهي خطوة من شأنها أن تدعم هدف بكين في ترسيخ عملتها دوليا وإضعاف قبضة الدولار الأميركي على التجارة العالمية ومن شأن أي تحرك سعودي للتخلي عن استخدام الدولار في تجارة النفط أن يمثل زلزالا سياسيا كانت الرياض قد هددت به في السابق، وذلك في مواجهة تشريع أمريكي محتمل. يعرض أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار.
العلاقات الصينية السعودية

وكانت السعودية وحلفاؤها في الخليج قد قاومت الضغوط الأمريكية للتخلي عن روسيا العضو في مجموعة أوبك. بلاس بعد حربها في أوكرانيا وللحد من التعاملات مع الصين، إذ تحاول تلك الدول التعامل مع نظام عالمي يشهد استقطابا مع التركيز على اقتصاداتها ومصالحها الأمنية بعيدا عن الصراع الروسي الأمريكي الذي يبدو أنه لم يتوقف سياسيا.

خرج عن القمم الثلاث العديد من النقاط التي وضحت اتفاق الطرفين على بعض وجهات النظر. ففي الشأن الإيراني اتفق الجانبان على ضرورة تعزيز التعاون المشترك لضمان سلمية برنامج إيران النووي كما دعا الجانبان إيران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمحافظة على منظومة عدم الانتشار وأكد على احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وقد ناقش الجانبان تطورات القضية الفلسطينية وشدد على ضرورة تكثيف الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع\ الفلسطيني الإسرائيلي وإيجاد أفق حقيقي للعودة إلى مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام وفقا لمبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود ألف وتسعمائة وسبعة وستين وعاصمتها القدس الشرقية.

أما في الملف السوري قد شدد الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي يحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها ويعيد لها أمنها ويخلص لها من الإرهاب ويهيئ الظروف اللازمة للعودة الطوعية للاجئين كما أكد استمرار دعمهما لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لسوريا وفيما يخص الملف اللبناني أكد الجانبان حرصهما على أمن واستقرار ووحدة الأراضي اللبنانية وأهمية إجراء الإصلاحات اللازمة والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته تفاديا لأن يكون منطلقا لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة أو مصدرا أو معبرا لتهريب المخدرات.

أما عراقيا أكد الجانبان استمرارهما في تقديم الدعم لجمهورية العراق ورحببتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وفي الشأن الأفغاني فقد أكد الجانبان أهمية دعم كل ما يحقق الأمن والاستقرار في أفغانستان بما يضمن أن لا تصبح أفغانستان ملاذا للجماعات الإرهابية والمتطرفة. وأخيرا تطرق البيان الختامي للأزمة الأوكرانية إذ أكد الجانبان أهمية تسوية الخلافات بالوسائل السلمية وبذل جميع الجهود الممكنة لخفض التصعيد بما يسهم في إعادة الأمن والاستقرار، ويحد من التداعيات السلبية لهذه الأزمة على المستوى العالمي ككل كما أكدت القمم على مبدأ صين واحدة والتي من ضمنها تايوان ورفضت أي محاولات لمنح تايوان الاستقلال التام عن الصين الأم.

العلاقات الصينية العربية

بعيدا عن السياسة أشار البيان الختامي أيضا اتفاق سعودي صيني على تعزيز التعاون الدفاعي والعسكري في الفترة المقبلة بما يصب بمصلحة الطرفين للحفاظ على أمن وحماية دولهم، ولكن كل تلك الاتفاقيات والصفقات وحتى. تطابق وجهات النظر لماذا تقلق واشنطون؟ قمم الصين الثلاثة تأتي بعد ما يقارب الثلاثة أشهر من قمة أمريكية سعودية وقمة عربية سعودية تمت في المملكة أيضا وبحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن لكنها لم تحصل على كل ذلك الزخم من حيث الاستقبال والاتفاقيات ولا حتى إعلاميا ووصفت حينها بأنها الصفعة الأكبر التي وجهتها الرياض لواشنطن منذ سنوات، حيث لم ينتج عنها أي اتفاق على مطالب واشنطون التي أرادت أن تكون دول الخليج والسعودية تحديدا بديلا كليا عن روسيا بما يخص ملف الطاقة بالنسبة لأوروبا وهو الأمر الذي رفضته المملكة، وأكدت على أنها ملتزمة بالاتفاقية الدولية ولن تسمح بتحويل سوق الطاقة إلى سوق للمضاربة عالميا. ومع القمم مع الصين اليوم، زاد التوتر أكثر. فالصين رسميا عززت شراكاتها مع العرب من خلال تلك القمم ووضعت الأساس لمستقبل من العلاقات الطويلة معها بما يضمن لها تنفيذ المبادرة التي التي تقف بوجهها واشنطن، وهي مبادرة الحزام والطريق، بالإضافة لتوقيعها لعدد من الاتفاقيات والصفقات مع دول الخليج التي ستعود بالفائدة عليها مع مرور الوقت، في حين تعاني داخليا من ديون ضخمة، ووضعت أساسا أكبر لفكرة عدم وجود قطب واحد في العالم، بل أقطاب متعددة يمكنها تغيير الموازين وعقد الاتفاقيات بدون موافقة واشنطون.

على الرغم من كون أن العراب ومنذ انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية لعبوا دورا بارزافي حل بعض المشكلات آخرها التدخل بوساطة من الإمارات والسعودية فيعملية لتبادل الأسرى بين واشنطن وموسكو والتي ظهرت واشنطن مترددة في الإعلان عن تلك الوساطة في الوقت الذي كان يستقبل فيه العرب الرئيس الصيني بالرياض لقاء العرب مع الصين جاء في وقت حساس بالنسبة لكل العالم وفي وقت تتغير فيه التوازنات والمعادلات الدولية فهناك واشنطن التي تريد أن تبقى سيدة العالم وروسيا التي تبحث عن كسر جماح الأولى والصين التي تريد أن تكون شريكة الجميع باستثناء واشنطون لتصبح من بين الكبار في كل المجالات، وترى في الاتفاق مع العرب ركيزة أساسية للوصول لتلك المكانة.

مستقبل كبير ينتظر العرب مع الصين، لكن قد يفجرها غضب وقلق واشنطون أو قد يؤدي في النهاية الانكسار الأخيرة دون عودة في عهد بات فيه العرب يفرضون إرادتهم دون ضوء أخضر من أحد
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-