قوة الجيش الجزائري 2024 بعد زيادة انفاقه العسكري

  لأول مرة في تاريخها، الحكومة الجزائرية تقدم أعلى ميزانية للدفاع، مليارات ضخمة واستعدادات أضخم، فلماذا تستعد الجزائر لم تتجاوز التسعة مليارات ونصف المليار دولار؟ ميزانية الجزائر للدفاع العام 2022، ولكن حتى هذا الرقم يعد الأضخم في إفريقيا والثالثة عربيا عقب كل من السعودية والإمارات وإذا كان هذا الرقم كذلك فكيف حال الرقم الجديد 22 مليار دولار؟ الميزانية الجديدة لوزارة الدفاع الجزائرية للعام الجديد 2024، أي بزيادة قدرها أكثر من 12 مليار دولار عن الميزانية السابقة في العام 2022، ما دفع كثيرين لوصف الميزانية الجديدة بأنها ميزانية حرب فالدولة تضاعف ميزانيتها للدفاع وهذا يعني شيئا واحدا غالبا، وهو أنها على مشارف حرب قادمة أو هكذا يبدو الأمر في البلد الإفريقي الأكبر من حيث المساحة وميزانيته الجديدة هذه فاقت ميزانية إسرائيل، بحسب موقع غلوبال فاير باور البالغة 17 مليارا ونصف. ما يعني أن الجزائريين تفوقوا في سباق التسلح المشتعل في المنطقة، وهم يقتربون من ميزانية الإمارات البالغة 25 مليار دولار. كما تبلغ ميزانيتهم الحالية نصف ميزانية السعودية البالغة 46 مليار دولار. والسعودية تخوض حربا في اليمن، وهي على أهبة الاستعداد للتصدي لإيران وهذا سبب ارتفاع ميزانيتها الحالية، لكن ماذا لدى الجزائريين من أسباب جعلتهم على أهبة الاستعداد في المقدمة.

الجيش الجزائري 2024

 على رأس قائمة الأسباب التي دفعت الجزائريين لمضاعفة ميزانيتهم الجديدة هو ما أقدمت عليه جارتهم المملكة المغربية، والتي هي الأخرى ضاعفت ميزانيتها العسكرية بمقدار يقترب من ثلاثة أضعاف ميزانيتها السابقة، حيث خصصت المغرب قرابة 17 مليار دولار لميزانية الدفاعية للعام 2024، في حين كانت الرباط قد خصصت العام 2022 أقل من 6 مليارات دولار لذات الهدف. والجزائر على ما يبدو عملت بذات المبدأ. إذا زدت زدنا وكما يعلم كثيرون، تشهد العلاقات الجزائرية المغربية توترا اشتد في السنوات الأخيرة بسبب قضية الصحراء التي تسمى في المغرب والعالم مغربية وفي الجزائر غربية، فقد نجحت المغرب في حراكها الدبلوماسي في السنوات الأخيرة من نزع اعتراف شبه دولي بمغربية الصحراء، وهذا أمر عارضته الجزائر بقوة، وهي التي تدعم جبهة البوليساريو المعارضة والتي تعيش حالة حرب مع الحكومة المغربية.

 وليس هذا فقط فلدى المغاربة شعور يشابه شعور الجزائريين بكون أن جيرانهم خطر عليهم، وهذا ما دفع المغرب مؤخرا لمضاعفة ميزانيتها العسكرية، وأيضا التقارب مع إسرائيل فيما يشبه التعاون العسكري، وهي ثاني البلدان الإسلامية التي التي تتعاون مع إسرائيل عسكريا بعد تركيا صاحبة أكبر تعاون عسكري مع إسرائيل من بين بلدان العالم الإسلامي. وهذا الأمر بالنسبة للجزائريين اعتبر اختلالا في ميزان القوة، فسابقا كانت الجزائر تتفوق عسكريا على جيرانها المغاربة في نواح عدة كسلاح البحري والجوي وحتى في المسيرات لكن أجرت الرباط تغييرات وتعديلات وتحالفات وتعاونت جديدة غيرت هذه المعادلة، حيث إن دخول إسرائيل مالكة التكنولوجيا العسكرية الأحدث في العالم بعد الولايات المتحدة أعطى للمغاربة خطوة أزيد في سباقه مع الجزائريين، واستفادت المغرب من التكنولوجيا الإسرائيلية العسكرية، كما وثقت تحالفاتها مع الغرب أكثر، إذ تعتبر الرباط شريكا لواشنطن في شمال إفريقيا، وبينهما شبه تحالف عسكري.

مضاعفة ميزانية الجيش الجزائري إلى 22 مليار دولار 2024

 وفي مقابل ذلك الجزائر تعيش ما يشبه التحالف العسكري مع موسكو التي تشتري منها تاريخيا قرابة ثلثي أسلحتها وما تملكه من قدرات ومعدات عسكرية. وللرد على المغاربة سعى الجزائريون مؤخرا لتعزيز هذا التعاون مع موسكو، حتى أنهم طلبوا الانضمام لمجموعة بريكس التي تقودها موسكو والتي وجدت للرد على مجموعة الدول السبع الأغنى في العالم، كما عزز الجزائريون علاقاتهم بـ الصينيين، وباتت بكين أحد الدول الموردة للسلاح للجزائر، وهذه الصين ليست الوحيدة التي تعتبرها الجزائر موردا لهم فبفضل الحرب الروسية الأوكرانية تضرر تجارة السلاح والأسلحة التي التي تصدرها موسكو لأسواق العالم، ما دفع الجزائريين للبحث عن موردين آخرين، فكانت أوروبا بعد الصين وجهة الجزائريين المفضلة، وهي تشتري أيضا من إيطاليا وألمانيا وعلى وشك فعل ذلك الشئ من فرنسا أما في قائمة أولويات الأسلحة الجزائرية التي التي ترغب بالحصول عليها فمنظمة الدفاع الجوي تبدو الأهم والحديث هنا عن المنظومة الروسية أس ثلاثمئة وأس أربعمئة وأيضا تسعى الجزائر لتعزيز سلاح الجو التابع لها عبر طائرات سوخوي 57 وسوخوي 34 وسوخوي 30 والطائرات المسيرة الصينية من نوع CH5 وCH4 وCH3، كما تحدثت وسائل اعلام عن تقديم الجزائر طلبا لشراء ستة طائرات من دون طيار تركية الصنع من نوع أك سنغور ذات القدرات القتالية الفائقة.

 وليس الصراع المغربي وحده، ما يدفع الجزائر للتحرك لتحديث وتقوية منظومتها العسكرية فخطر الإرهاب حاضر وبقوة. فالجزائر تمتلك أكبر مساحة في القارة السمراء وحدودها تمتد على مسافة أكثر من ستة آلاف كيلومتر وهذه المساحة وهذه الحدود تتطلب جهودا كبيرة لمراقبتها وتحديدا تلك التي في الجنوب، حيث تنشط الجماعات الإرهابية في مالي والصحراء الكبرى، وعلى رأس هذه التنظيمات داعش وتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، وخلال السنوات العشر الأخيرة تلقت الجزائر أعنف هجوم من تنظيم إرهابي صغير هو الموقعون بالدماء، وقد انطلق من شمال مالي مرورا بالنيجر، ثم دخل الجزائر عبر الحدود الليبية، وهذا يجبر الجزائريين على رفع درجة الجاهزية أكثر خاصة مع استعداد القوات الفرنسية في مالي للرحيل بعد أن فشلت بالقضاء على الجماعات المسلحة هناك. 

ميزانية وزارة الدفاع الجزائري

وليست مالي والساحل وحدها الخطر المحدق بالجزائر يين، فحتى اضطراب الأوضاع في ليبيا التي لم تجد حتى اللحظة حلا للأزمة والصراع السياسي فيها يجعل الجزائريين قلقين على حدودهم الشرقية، ما يعني أن الجزائر تتحسس الخطر حتى الآن من ثلاث جهات حدودها الغربية مع جارتها المغرب وحدودها الجنوبية مع مالي ودول جنوب الصحراء ودول الساحل الأفريقي، حيث الجماعات المسلحة المتطرفة، وأيضا حدودها الشرقية مع جارتها الليبية التي التي تعاني من عدم الاستقرار وما يتبقى هو الجهة الشمالية حيث السواحل الجزائرية على البحر المتوسط وفي الحديث عن الجبهة الشمالية.

 تاريخيا ومنذ ما قبل التاريخ جميع الحروب التي اجتاحت بلاد الجزائريين وأسفرت عن وقوع بلادهم تحت نير الاحتلال كان مصدرها من الشمال حيث أوروبا سواء الرومان والبيزنطيين الذين جاؤوا من إيطاليا أو الوندال الذين قدموا من ألمانيا ثم إسبانيا أو حتى في العصر الحديث حين قدم لهم الاستعمار من فرنسا وإسبانيا، لذا قد يجد البعض تفهما لقلق الجزائريين الدائم واستعدادهم الدائم للحرب وتاريخيا الجبهة الشمالية مصدر الخطر عليهم، وحاليا الجهات الثلاث الأخرى باتت مصدر قلق وتوتر.

ومن هنا يفهم الرقم الجديد الضخم الذي عرضته الحكومة الجزائرية كميزانية جديدة للدفاع.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-